النفايات الالكترونية....عندما تصبح التكنولوجيا ضارة بالبيئة

النفايات الإلكترونية إحدى أهم الملوثات المسببة لأمراض العصر، وأحد أضلع ثالوث النفايات (الصناعية والكيماوية)؛ حيث لا تقل خطورتها عن خطورة النفايات الصناعية والكيماوية التي يتحاشاها الناس خوفاً من أضرارها، والملاحظ أن خطر هذه النفايات يقل في الدول الأقل تقدماً ويزداد في الدول المتقدمة التي تعيش على استخدام التكنولوجيا، فتصدرها وتستوردها لغيرها من الدول الأخرى.
تهدد النفايات الإلكترونية العالم من خلال تهديد طبقة الأوزون، وكميات الرصاص والأشعة الكاثودية، ومادة البلاستيك غير الصديقة للبيئة والتي لا تتحلل بسرعة، فتتفاعل مع درجة حرارة الشمس وبالتالي ينتج عنها الغازات السامة. مع العلم أن العالم ينتج 40 مليون طن سنوياً من النفايات الإلكترونية يتم التخلص منها بأشكال تضر بالبيئة والصحة معاً.
وللاطلاع على مزيد من المعلومات عن هذه القضية، وحول خطورة النفايات الإلكترونية وإجراءات السلامة للحفاظ على البيئة و كوكب الأرض، الذي مازال يئن بسبب هذه النفايات وغيرها، كان هذا التحقيق.
ما هي النفايات الخطرة؟
يقول المهندس هاني عبد العزيز (تقني إلكترونيات): "النفايات الإلكترونية هي كل ما تم الاستغناء عنه من هواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر وتليفزيونات وأي الكترونيات دقيقة تحتوي على لوحات معدنية ولو صغيرة؛ فهذه النفايات تضر بالبيئة بعدة طرق".
فرغم التحذيرات التي تكتب على سطح هذه الإلكترونيات، والتي تحذر من عدم إلقائها في القمامة، إلا أن مصيرها بعد الاستخدام يكون سلة المهملات ومنها للقمامة، ومن ثم تأخذ طريقها للتحلل سواء على سطح الأرض أو بباطنها فتؤثر على الصحة العامة.
ويضيف بالقول: "إن خطورة هذه النفايات يكون من خلال اللوحة الالكترونية التي تحتوي على أشعة ومادة بلاستيكية والتي لا تتحلل بسرعة، وربما تحتاج إلى أكثر من ثلاثين عاماً حتى تتحلل وتتفاعل مع أشعة الشمس وبالتالي تؤثر على طبقة الأوزون".
ويحذر المهندس هاني من حرق هذه النفايات، حيث ينتج عنها خروج بعض الغازات كثنائي أوكسيد الكربون، وأكسيد الحديد وأكاسيد بعض العناصر الثقيلة والتي تسبب أمراض سرطانية وخاصة بالجهاز التنفسي للإنسان فضلاً عما تسببه في طبقة الأوزون.
وعما إذا كانت هناك أضرار أخرى للنفايات الإلكترونية يقول المهندس هاني: "إن هذه الأضرار يمتد تأثيرها إلى المياه الجوفية في حال دفنت في باطن الأرض، وهو ما يعد كارثة بيئية بكل المقاييس".
ويرى أن الحفاظ على البيئة مهمة الأشخاص والدول معاً؛ فلابد أن يكون الحفاظ عليها بدافع ذاتي وعلى الدول أن تتخذ إجراءات رادعة من خلال بعض التشريعات القانونية، وعن طريق حث الناس وتشجيعهم بعد حملة توعية للتنبيه من أضرارها.
تأثير النفايات الخطرة:
من جهته، يقول المهندس أحمد سمعان (مبرمج): "إن الإلكترونيات تعد من أخطر المواد المؤثرة سلباً في البيئة، فنفايتها أخطر من النفايات السائلة التي يسهل التخلص منها والتي يعرف الناس أضرارها".
ولفت إلى أن أضرار هذه النفايات لا ينتبه إليها الناس، والتي تزداد يوماً بعد يوم بسبب التطور التكنولوجي والذي تتسابق الدول فيه؛ فأمريكا على سبيل المثال تتخلص من 30 مليون جهاز كمبيوتر سنوياً وأوروبا تتخلص من 100 مليون هاتف نقال سنوياً.
وحول تأثير هذه النفايات يقول المهندس سمعان: "إن البعض يطلق على هذه النفايات اسم "النفايات ذات التأثير الخفي"؛ نظراً لأنها تؤثر على البيئة دون رائحة ودون أن يلاحظها أحد. وخطورتها تنتج من تحلل الرصاص الذي تشمله هذه النفايات التي يلقيها الناس يومياً بعد تلفها أو كسرها أو إنتاج ما هو أحدث منها.
بعدما اتضحت خطورة هذه النفايات وتأثيرها على الصحة العامة نسأل ما المخرج إذن؟ وكيف نتلافى خطورة هذه النفايات.؟
حلول عملية:
المهندس طارق عوض (خبير إلكترونيات) يحذر من ردم النفايات الإلكترونية في باطن الأرض؛ لأنها تحتاج لعقود طويلة لتتحلل وبالتالي تؤثر على التربة التي يحظر استخدامها بعد ذلك لخطورتها.
ويضيف بالقول: "من أفضل الوسائل للتعامل مع هذه النفايات للتقليل من خطرها الداهم على الصحة العامة هو الاتجاه لإعادة تدويرها مرة ثانية، ومحاولة الاستفادة منها مجدداً، وبذلك نكون قد تلافينا خطورتها واستفدنا منها في الوقت نفسه".
ويلفت النظر، إلى ضرورة إنشاء مصانع تكون مهمتها تدوير هذه النفايات والاستفادة منها، وأن يتم دعم هذه الشركات لأنها ربما لا تحقق أرباحاً في بداية إنشائها.

كما نبه المهندس طارق إلى ضرورة أن ترعى الدولة مبادرة من هذا النوع، وأن تفرض رقابة على المصنوعات الإلكترونية للتأكد من توافر سلامتها للمجتمع، وأن يكون معها كتيّب صغير مرفق بالكتالوج الخاص بالتشغيل، يحذر من خطورة إلقاء هذه القطعة الإلكترونية الصغيرة في القمامة بعد الاستغناء عنها، وأن يشرح الكتيب كيفية التعامل معها للحفاظ عليها بعد الاستغناء عنها.